إنه خيار مروع أيهما يشكل تهديدًا أكبر لكوكب الأرض: الشتاء النووي أم ارتفاع درجة حرارة المناخ.
بقلم كوندا ديكسيت
إسطنبول (نيبالي تايمز) – من الصعب أن نتخيل أنه على بعد 200 كيلومتر فقط من هنا، على ساحل البحر الأسود في تركيا، تدور رحى حرب واسعة النطاق أسفرت عن مقتل 200 ألف شخص خلال العامين الماضيين.
وفي الجنوب، تصاعدت وتيرة التدمير الشامل في قطاع غزة باستخدام العنف غير المعقول ضد المدنيين الفلسطينيين ليتحول إلى صراع مباشر بين إيران وإسرائيل | (P03)
في كلا الحربين، يمتلك الطرفان أسلحة ذرية أو على وشك تطويرها. هددت روسيا باستخدام أسلحة نووية تكتيكية في أوكرانيا، في حين استهدفت كل من إسرائيل وإيران مواقع المنشآت النووية لدى كل منهما في الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار هذا الأسبوع.
وعلى الرغم من وجود مؤشرات على أن إيران وإسرائيل تمارسان ضبط النفس، فإن أي خطأ بسيط في التقدير قد يؤدي إلى حريق إقليمي يجر السعودية والإمارات إلى التدخل فيه. وإذا حدث ذلك، فمن الممكن أن تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً.
إن تصويت الحزبين الجمهوري والديمقراطي في المجلس التشريعي الأمريكي لتصديق قرار ينضوي على تقديم منظومات أسلحة بقيمة 65 مليار دولار لأوكرانيا من شأنه أن يطيل أمد الحرب. والآن يهدد الصقور في البرامج الحوارية الروسية علناً باستخدام الأسلحة النووية ليس فقط في أوكرانيا، بل أيضاً في لندن وباريس.
نشرة علماء الذرة نقلت “ساعة يوم القيامة” إلى 90 ثانية قبل منتصف الليل بسبب ما أسمته “الاتجاهات المشؤومة التي تستمر في توجيه العالم نحو كارثة شاملة”. هذه هي الساعة الأقرب على الإطلاق إلى معركة هرمجدون النووية.
وإلى جانب التوترات بين روسيا وأوكرانيا من جهة وإيران وإسرائيل من جهة ثانية، انتشرت أيضاً ظاهرة الدول القومية النووية. فإلى جانب الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا، تمتلك إسرائيل 90 رأسًا حربيًا، وتمتلك كل من الهند وباكستان حوالي 170 رأسًا حربيًا لكل منهما، وتمتلك الصين أكثر من 400 رأس حربي، وتمتلك كوريا الشمالية 30 صاروخًا باليستيًا يمكنها إطلاقها عبر المحيط الهادئ.
ورغم أن إجمالي مخزونات الرؤوس الحربية النووية انخفض بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1990، إلا أن الحرب الباردة الجديدة تدور الآن بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، كما تزايد عدد الدول التي تمتلك الأسلحة النووية. إن التهديد بالصراع النووي حقيقي بما يكفي لجعل صحيفة نيويورك تايمز تطلق سلسلة (بعنوان: على حافة الهاوية) تتناول سباق التسلح النووي الجديد، و”ما يمكن فعله لجعل العالم أكثر أمانا”.
إنه خيار مروع أيهما يشكل تهديدًا أكبر للأرض في السنوات المقبلة: كوكب ألهبته ظاهرة الاحتباس الحراري، أو دمرته حرب شاملة أدت إلى شتاء نووي. تتبادر إلى ذهني قصيدة “النار والجليد” لروبرت فروست:
يقول البعض أن العالم سينتهي بالنار،
ويقول البعض سينتهي بالجليد.
وبعد أن تذوقت لذة الرغبة
أود أن أكون مع أولئك الذين يفضلون النار.
ولكن إن كان هذا العالم سينتهي مرتين،
أعتقد أنني أعرف ما يكفي من الكراهية
لأقول أن الجليد عظيم
وكافٍ تمامًا
لإلحاق الدمار الشامل.
بالطريقة التي نسير بها، يمكن للعالم أن “يهلك مرتين”. فالأزمتان مرتبطتان ببعضهما البعض، وأصل كل منهما هو الجشع والطموح الجامح والقومية المتطرفة. إنه نتيجة للتمسك بالقبلية وتراجع النهج المتعدد الأطراف اللازم لإحلال العدالة والإنصاف والتعايش.
تم نقل ساعة يوم القيامة إلى 7 دقائق قبل منتصف الليل أثناء أزمة الصواريخ الكوبية. لقد كانت الحرب النووية الشاملة أمراً لا يمكن تصوره في ذلك الوقت، لدرجة أن معظم الناس كانوا يخافون من مجرد التفكير بها. نفس الشيء يحصل الآن مع الحرب والاحتباس الحراري.
هنا في نيبال، تبدو الشؤون العالمية بعيدة عن قائمة اهتمام الناس الذين يكافحون من أجل تدبر أمورهم اليومية. فعندما تصل أخبار الحرب في أوكرانيا وغرب آسيا إلى عامة الناس عبر الأجهزة المحمولة، فإنهم يتفاعلون معها كما لو أنها حدثت على كوكب آخر.
ومع ذلك، فإننا في نيبال سوف نتأثر بهذه الأحداث. فقد أدت حرب أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الوقود والغذاء في مختلف أنحاء العالم، ولا يزال اقتصاد نيبال يعاني من تبعاتها. يقاتل المئات من النيباليين في صفوف الجيش الروسي، وقد قُتل ما لا يقل عن 33 شخصًا أثناء المعارك، وانقطع الاتصال بالعشرات منهم. وقتلت حركة حماس عشرة طلاب نيباليين في إسرائيل، ولا يزال طالب واحد في عداد المفقودين. ومن شأن نشوب حرب أوسع نطاقًا في غرب آسيا، بصرف النظر عن تأثيرها على الاقتصاد العالمي، أن يؤثر بشكل مباشر على ما يقدر بنحو مليوني نيبالي يعملون في المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وعمان والكويت وإسرائيل ولبنان. والبلاد ليست مستعدة لعودتهم الجماعية المفاجئة.
إن الحرب النووية بين إسرائيل وإيران ليست أمراً بعيد المنال كما يبدو. فالمتشددون في إسرائيل يدعون إلى توجيه ضربات نووية إلى منشآت الأبحاث النووية الإيرانية قبل أن تطور طهران قنابلها النووية. والرياح السائدة من شأنها أن تحمل المخلفات الإشعاعية الناجمة حتى عن توجيه ضربة نووية تكتيكية إلى باكستان والهند ونيبال.
نحن نعيش الآن في قرية عالمية. إن الحرب في أي مكان ستؤثر على النيباليين في كل مكان. INPS Japan/Nepali Times
هذه المقالة مقدمة لكم من صحيفة نيبال تايمز، بالتعاون مع منظمتي INPS Japan وSoka Gakkai International، ذات المركز الاستشاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة.
Translation coordinated by Kevin Lin